هي أول امرأة تونسية "بحّار مؤهل" تبلغ من العمر 25 عامًا تعرف بـ"رانيا" وفي أوراقها الرسمية هي "انتظار الورتتاني".
وتقول رانيا حول قصّتها :"حكايتي مع البحر بدأت وأنا طفلة، فقد كنا من سكان الضاحية الشمالية، وفي الطريق كنت أشاهد البواخر وكنت أقول لوالدي إنني حينما أكبر سأعمل هناك".
وتضيف: "كان ذلك كلام طفلة صغيرة غير مدركة حقيقةً للبحر، لكن حينما كبرت اخترت بحب وغرام أن أدرس في المعهد المتوسطي للتكوين في المهن البحرية، وكنت في البداية أرغب في أن أكون (قبطان) لكن حينما عرفت أن هناك نساء في هذا المجال وأن (بحري مؤهل) اختصاص لم تدخله المرأة التونسية بعد، قررت أن أدرس (بحري) لأكون أول امرأة تونسية تفعل ذلك وكنت الوحيدة".
لم يكن الموضوع مستحيلًا، تقول رانيا، لكنه لم يكن مرغوبًا فيه، وكان غير مرحب بها في هذا المجال الذي يعتبر حكرًا على الرجال وقد أثار استغراب الجميع بما فيهم عائلتها.
تقول رانيا ضاحكة: "(هل أنت متأكدة؟) هذا السؤال طرح عليّ أكثر من مرة سواء من عائلتي أو من المعهد وكنت أجيب وأكرر بكل إصرار أنني أود أن أكون بحارة".
غياب التشجيع والاستغراب والمراهنة على أنها لن تنجح لم يمنعها من دخول عالم البحار من بابه الرئيسي وهو التكوين والتعلم، وكانت التحديات أمامها كبيرة وليست سهلة.
"الصعوبات كانت على مستويات عدة أولها الجسدية فبنيتي كامرأة تختلف عن بنية الذكور وبالتالي فإنني أبذل أضعاف الجهد عند القيام بعملي، فأشغال البحار تقوم أساسًا على مجهود بدني قوي وتتطلب جهدًا كبيرًا فجميعها شاقة ومتعبة" هكذا شرحت أول بحارة تونسية طبيعة عملها.
وتواصل حديثها قائلة : "كنت أقوم بكل الأعمال المطلوبة مني باذلة مجهودات مضاعفة ولا أطلب المساعدة من أيّ رجل، فقد كان عليّ أن أثبت قدرتي وأن يتأقلم جسمي مع هذه الأشغال الشاقة بكل صبر وحزم".
لكن الصعوبات لم تقف عند هذا الحد، بل إن هناك تحديات أخرى وهي نفسية بالأساس، فالبحّار يعمل بعيدًا عن الأهل ويظلّ على تلك الحال لأشهر، تضيف: "كامرأة فإن الارتباط بالعائلة والجانب العاطفي الهش لديها، كثيرًا ما أشعرني بأنّي وحيدة وبعيدة وهو ما كان تحديًا استطعت تجاوزه بالإصرار والعزيمة" وفق وصفها.
"خلال ممارسة العمل لا بدّ لك من مؤطر يعلّمك أسرار هذه المهنة التي لا تبوح بها الكتب ورغم أنني وجدت من يرفضني ويقلّل من شأني، فإني أيضًا وجدت من آمن بي وعلّمني ووثق في قدراتي وقد نجحت أكثر من مرة في إنقاذ سفن من الغرق في حالات صعبة جدًا"، على حد تعبيرها.
وتردف رانيا الورتتاني: "نجحت في هذا المجال الذكوري منذ أول اختبار حينما بقينا لمدة 6 أشهر في البحر، وبعد أن عدنا غادر كثيرون مقاعد الدراسة واكتشفوا أنهم عاجزين عن العمل كبحارة لكني واصلت".
وتابعت متحدثة عن تجربة صعبة حصلت معها في عرض البحر :"وصلت شفت الموت كي صارت عاصفة في وسط البحر.. وليت نشهّد وكلمت بابا طلبت منّو السماح.. صارت معجزة من عند ربي ومنعنا".
الفيديو :