منذ ساعات الفجر الأولى يتوجه بائع الليمون حمزة العياري، مثل غيره من التجار إلى مكان عمله، في السوق المركزية بتونس العاصمة الذي حوّله أيضاً إلى شبه استوديو صغير لممارسة هواية التصوير.
ينظم بضاعته ويعرضها على لوح كبير، ويعلّق كميات كبيرة من الليمون على أغصان كبيرة تتدلى منها في شكل يشبه الفوانيس، وتظهر بطريقة منظمة وجذابة تلفت الانتباه في شكل كبير.
يقول حمزة أنه انقطع عن الدراسة حين كان في السابعة من العمر، وورث تجارة الليمون عن عائلته التي كانت غالبية أفرادها تبيع أنواعه، علماً أن تجارة الليمون رائجة في مناطق تونسية مختلفة، خصوصاً في الشمال وتحديداً ولاية نابل.
ويقول :"أحببت عملي كثيراً منذ صغري، وكان السوق يشهد توافد أعداد كبيرة من السياح بحكم وجوده وسط المدينة قرب سوق العتيقة، وكانوا يلتقطون صوراً للسوق وللتجار، ما جعلني أرغب منذ الصغر في امتلاك كاميرا وإتقان التصوير".
يضيف : "كنت أقوم بأبحاث عن أنواع الكاميرات وأسعارها وكيفية عملها، وأحسّن أنواعها وصورها. وتعرّفت إلى مصورين محترفين وفروا لي معلومات عن أساليب استعمال الكاميرا وتعديلها، وطريقة استخدامها والتحكم في الضوء وغيرها من التقنيات التي تسمح بالتقاط صور جميلة".
ويذكر أيضاً أن حبه لبيع الليمون وعشقه للتصوير جعلاه يجمع بين الأمرين، و"حوّلت مكان عملي إلى أشبه باستوديو لممارسة عملي الذي أعيش منه وهوايتي التي أعشقها. بدأ الأمر بمجرّد اقتناء كاميرا وتصوير المارة في السوق والحرفيين وكلّ شيء أشعر أنّه يستحق التصوير، ثم خطرت لي فكرة تزيين مكان عملي بطريقة تجلب المارة، وتجعلني أستطيع تصوير أشياء جميلة في مكان صغير ومحدد، فعلّقت الليمون على أغصان في شكل شجرة، وجعلتها تتدلى بخيوط كأنّها فوانيس أو أضواء، مستفيداً من لونها الأصفر، ما أضاف شكلاً جميلاً على مكان عملي، وألتقط صوراً لجميع من يشترون الليمون، حتى بات بعضهم يطلبون تصويرهم قبل شراء الليمون، أو تصوير أبنائهم وسط أكوام الليمون. حتى أنني علّقت بعض الصور على حبات الليمون المتدلية، فبات المكان أشبه باستوديو أو معرض صغير للصور".
ولأنّ السوق المركزية تعج يومياً بزبائن من مختلف الأعمار والفئات، يجد حمزة ما يرغب في تصويره من تعابير وجوه وحالات، فيما بات كثيرون يزورون السوق فقط لالتقاط صور وسط أكوام الليمون، بعدما ذاع صيته على مواقع التواصل الاجتماعي حيث نشرت العديد من صوره وصور الزبائن، خصوصاً الأطفال. وبات حمزة يلتقط صوراً بطريقة محترفة، ويختار زوايا فريدة لتصوير الناس.
في كل مرة يبيع حمزة الليمون يلتقط صوراً للزبائن، علماً أن عمله لا يتوقف طوال العام في السوق، باعتبار أنّ العديد من المزارع في تونس تُنتج أنواعاً عدة من ليمون الأربعة فصول الذي لا ينقطع. ويعود حبّه لبيع الليمون في الأساس إلى جماله وأشكاله المتعددة، ما جعله يحب التصوير أكثر، ويعرض بضاعته بطريقة مختلفة في كل مرة كي يلتقط صوراً متجددة، ويجد مساحة وفضاء من نوع آخر لإرضاء عشقه لهوايته والزبائن.
وخلال حديثه عن هواية التصوير، يذكر حمزة ميزات الليمون وأنواعه في تونس، وتاريخ انتشاره في مزارعها، والمناطق التي تشتهر به على غرار محافظة نابل، المصدر الأول لإنتاج غالبية أنواع الليمون وأكثره جودة. لكنه يتساءل عن عدم استضافته للتشجيع على التعريف بالمنتجات في المعارض الزراعية خارج تونس.
وينشر حمزة كل ما تلتقطه عدسات كاميرته على مواقع التواصل الاجتماعي، حتى بات أشهر بائع ليمون في تونس، والذي يتابعه أشخاص كثيرون ويتفاعلون مع صوره بأشكالها المختلفة رغم أنها تلتقط فعلياً في المكان نفسه. ويشير إلى أنّه بات يُعرّف بخصائص الليمون التونسي وأنواعه مستفيداً من تفاعل العديد من الأجانب معه على مواقع التواصل الاجتماعي، واهتمامهم بفكرة الجمع بين عمل يعيش منه وهواية يمارسها يومياً في مكان عمله. وقد انتعشت تجارته بفضل شهرته ورغبة كثيرين في مشاهدة بضاعته وكيفية عرضها في السوق، حتى إذا لم يرغبوا في التقاط صور مع حبات الليمون.
الفيديو :