خبير في المناخ : هذه المدن التونسية مهدّدة بالإختفاء بسبب ارتفاع منسوب مياه البحر .. التفاصيل


فسر حمدي حشاد، المهندس المختص في البيئة والشؤون المناخية، ظاهرة الارتفاع المسجل في مياه البحر في بعض المناطق والمدن الساحلية وتراجعها في مناطق وبلدان أخرى خاصة في بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط ومنها تونس في الفترة الأخيرة، في حديثه لموقع "الصباح"، بأن ذلك يرجع إلى ظاهرة المد والجزر وتغير الضغط من ناحية والتمدد الحراري وتزايد مياه البحر بسبب الارتفاع المسجل في الحرارة على الأرض من ناحية أخرى
موضحا أن درجات الحرارة المسجلة في العالم في السنوات الأخيرة كانت أعلى من التوقعات التي أعلنتها الجهات الدولية المعنية.
الأمر الذي ينذر بخطورة الوضع المناخي معتبرا أن حالة الجفاف أو النقص المسجلة في نسبة نزول الأمطار في السنوات الأخيرة هي دليل قاطع على ذلك.
ويذكر أن الهيئة الدولية المعنية بمتابعة تغير المناخ كانت قد أكدت في تقريرها الصادر في العام المنقضي أن درجات الحرارة ارتفعت بمقدار 1.1 درجة مائوية، على اعتبار أن ذلك يعد نتيجة لأكثر من قرن من حرق الوقود الأحفوري مثل النفط والغاز، واستخدام الطاقة والأراضي بشكل غير متكافئ أو مستدام.
وقد أدى ذلك إلى زيادة تواتر وشدة الظواهر الجوية المتطرفة التي تسببت في آثار خطيرة بشكل متزايد على الطبيعة والناس في كل منطقة من مناطق العالم.
وتضمن نفس التقرير دعوة إلى العمل على خفض الإنبعاثات وتقليصها إلى النصف تقريبا بحلول عام 2030.
واعتبرت أن الحل يكمن في المراهنة على "التنمية المقاومة للمناخ" والمضي إلى الاقتصاد الأخضر التي تتضمن دمج تدابير التكيف مع تغير المناخ مع إجراءات تقليل أو تجنب انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بطرق توفر فوائد أوسع.
ظواهر جديدة :
ورغم صيحات الفزع التي أطلقتها الهياكل والمنظمات الدولية المختصة في المناخ والمهتمة بالبيئة والصحة على غرار المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أو برنامج الأمم المتحدة للبيئة حول خطورة تواصل العوامل المساهمة في ارتفاع درجات الحرارة وما تسببه من تغيرات وتأثيرات سلبية على البيئة والمناخ.
لذلك تكررت المحاولات والتوصيات والبرامج المعتمدة للحد من تداعيات الظاهرة إلا أنه ما انفكت تطالعنا أخبار وتنبيهات حول خطورة الوضع في العالم بشكل عام وفي منطقة الحوض المتوسطي بشكل خاص.
إذ تداولت بعض وسائل الإعلام العربية والدولية مؤخرا أخبارا ومشاهد تبين غرق بعض المدن والسواحل في ليبيا واضطرار سكانها إلى مغادرتها بعد أن أعلنتها السلطات الليبية مناطق منكوبة على غرار زليتن في الساحل الغربي خاصة أن المياه اختلطت بمياه الصرف الصحي وأصبحت مضرة بالصحة والبيئة.
حول هذه الظاهرة أفاد حمدي حشاد قائلا :"في الحقيقة ما تشهده مدينة زليتن الليبية من تدفق للمياه بشكل غير مسبوق وغريب على المدن السكينة دفع الآلاف من السكان إلى مغادرة المنطقة ليس بسبب ارتفاع مياه البحر وإنما في ظل عدم التوصل بعد إلى معرفة الأسباب فإن المسألة تبدو في تقديري جيوفيزيائية أي أن المياه تخرج من جوف الأرض ناجمة عن أنشطة زلزالية أدت إلى تحريك أو كسر في المائدة الجوفية فأدت إلى تدفق المياه".
واعتبر محدثنا أن هناك عدة سيناريوهات لتفسير هذه الظاهرة باعتبار أن كميات المياه ما انفكت تتزايد لتغمر مساحات كبرى بالمياه لتساهم في تمدد مساحات البحر أو تحويل مساحات أخرى إلى شبه بحيرات عائمة، من بينها حدوث ثقب في قنوات النهر الصناعي الكبير ولكن كميات المياه الكبيرة المتدفقة وتأكيد القائمين على النهر نفوا وجود أي خلل في قنوات عمله.
وأضاف قائلا :"نحن في انتظار ما قد تسفر عنه فرق البحث العلمية الدولية التي تحولت المنطقة لدراسة الظاهرة وقد أعلنت شركة بريطانية أن النتائج النهائية للإيضاح المسألة سوف تكون بعد أربعة أشهر".
مدن مهددة بالاختفاء :
في سياق آخر نشرت وكالة حماية الشريط الساحلي في تونس مؤخرا خريطة محدثة توضح خطر الارتفاع المتزايد المسجل في مياه البحر في السواحل التونسية. وتبين أن عدة لمناطق التي ستتضرر من ارتفاع منسوب مياه البحر نتيجة لذوبان الجليد.
واستند حشاد في حديثه عن المسألة إلى النتائج الصادرة عن الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي الأمريكية "نوا"، بتأكيدها أن كميات الجليد الذائبة المسجلة منذ 2002 - 2023 تقدر 150 مليار طن سنويًا وتحت تأثير ظاهرة التمدد الحراري للبحار يرتفع منسوب مياه البحر. معتبرا أن لذلك تأثير كبير على الوضع المناخي في تونس باعتبار أن تونس مهددة بفقدان مساحات كبرى من أراضيها بسبب تمدد البحر الأمر الذي يجعل مهددة بخسارة 250 كم مربع من مساحتها خلال 25 سنة القادمة.
موضحا بأن إقليم تونس الكبرى والسواحل الشرقية لبنزرت مهددة بخسارة مساحة 4000 هكتار في مناطق رواد وقمرت وقلعة الأندلس وأوتيك وغيرها. 
معتمدا في ذلك ما الخريطة التي نشرتها الوكالة الوطنية لحماية الشريط الساحلي التي تبين أيضا أن بلادنا قد تسخر في الوسط 12,7% من مساحة قرقنة أي ما يقدر بـ2000 هكتار خلال 25 سنة القادمة، وأن مدنا ساحلية بأكملها قد تغمرها مياه البحر في حدود سنة 2100.
الفيديو :





           
تعليقات