إلى جانب الأزمة الهيكلية التي يعيشها قطاع الزراعة في تونس، يعيش هذا القطاع أزمة أخرى تتمثل في تهرم الناشطين فيه، حيث يمثل الفلاحون الذين تجاوزت أعمارهم 60 عاما نسبة 43٪، عزوف الشباب للعمل في هذا القطاع سببه إهمال الدولة وغياب برامج تمويل المشاريع الفلاحية.
لكن رغم كل هذه المشاكل المتراكمة، إلا أن القطاع أصبح مركز اهتمام عدد متنامي من الشباب في السنوات الأخيرة، اهتمام جلب معه عدد من المشاريع الاستثنائية في تونس مثل الزراعات المائية، والتي تعتبر تقنية جديدة في تونس.
و تُعتبر الزراعة المائية من الطرق الحديثة البارزة التي لجأ إليها مستثمرون في دول عدة لمعالجة مشكلة ندرة الأراضي، أو للحفاظ على الثروة المائية.
وفي تونس، خاض شبان هذه التجربة في السنوات الأخيرة، سواء عبر مشاريع في مساحات صغيرة لا تحتاج إلى هكتارات شاسعة، أو لمجرد تجربة الأمر في أماكن على شرفات البيوت أو الأسطح.
وتشمل منتجات الزراعة المائية بعض الخضروات على غرار الطماطم والفلفل والخس، وأخرى ورقية، إلى جانب أنواع من الزهور.
وقد تبدو تقنياتها غريبة للبعض، فيما لا يصدق آخرون إمكان نمو النباتات بلا تراب، أو انتاج خضروات في أنابيب مائية فقط.
إسكندر قاسم (36 عاماً)، يعتبر من الأوائل الذين قرروا الاستثمار في هذا القطاع، بعدما قرر الاستثمار في قطاع الزراعة المائية، حيث أنشأ وحدة للإنتاج قبل ثلاث سنوات، واهتم بتنظيم دورات تدريب لتقنيات الزراعة المائية لجميع الشبان الذين يبحثون عن فرص للاستثمار في زارعة ذات تقنيات حديثة وتعقيدات أقل، ونجح في تعزيز قدرات عشرات الشبان المتحمسين لتعلّم التقنية.
قاسم لم يتخرج من كلية الزراعة، إذ تخصص في التجارة، لكن حبّه للزراعة جعله يطلق محاولات بسيطة في حديقة منزله الصغير، وبعدها تجارب تلو أخرى وصولاً إلى تقنيات الزراعة المائية.
وهو اطلع على تجارب عدة ومشاكل الفلاحة في العالم وتونس، وتعمّق أكثر في الزراعة المائية عبر التعرف إلى تجارب أجريت في الخارج.
وقال إسكندر قاسم، إن الزراعة المائية تختلف عن الزراعة العادية و هي ليست معقّدة، ولا تحتاج إلى حرث الأرض وتسميدها، ويد عاملة كبيرة.
يكفي توفير بعض الأنابيب أو الأوعية البلاستيكية، ووضع ثقوب تثبّت فيها المشاتل كي تنمو. ويمكن القيام بذلك في بيوت مكيّفة لزراعة أنواع عدة من الخضروات.
و لا حاجة لأراضٍ شاسعة في الزراعة المائية، وحتى شرفة بيت تكفي لإقامة بعض الأنابيب العمودية المملوءة بالمياه، ووضع مشاتل صغيرة عبر ثقوب في هذا الأنابيب لتصل عروقها إلى المياه.
وقد تضاف بعض الأسمدة الطبيعية أو حتى الكيمائية بكميات تكفي لتحفيز نمو النباتات”.
وأفاد صاحب المشروع بأن الدولة لا تشجع الزراعة المائية رغم ما لها من فوائد سواء من ناحية التكلفة وأيضا على المحصول المُنتج للمستهلك.
وأوضح قاسم كيف يعمل مشروعه، الأول من نوعه في تونس، على إعادة تدوير المياه التي تُسقى بها المزروعات، ما يجعلها لا تهدر المياه.
الفيديو :