مرّت 17 سنةً على اغتيال الفنانة التونسية ذكرى محمّد، ذكرى التي شغلت محبي الغناء في العالم العربي سنوات وكسبت حب الجميع واحترامهم بفضل صوتها الرائع، رحلت في ظروف مريبة لا يزال يكتنفها الشك والغموض لكنها تركت ذكريات جميلة عن صورتها وفنها.
فنّانة بطابع مميّز
نجحت الفنانة التونسية الراحلة ذكرى محمد في لفت انتباه جماهير الغناء في تونس والعالم العربي بفضل خامتها الصوتية الرهيبة، صوت طلق وعذب وإحساس لا متناهي في الأداء.
تدرّجت من الهواية إلى الاحتراف بثبات، غنّت لكبار الفنانين على غرار أم كلثوم وجلبت انتباه كبير الموسيقيين التونسيين عبد الرحمان العيادي وتبنى صوتها ولحّن لها عدة أغاني ناجحة صعدت بها على ركح مهرجان قرطاج الدولي.
موهبة ذكرى التونسية وطموحها تجاوز تونس فقرّت الرحيل إلى مصر أين أنتجت ألبومات شهرتها مثل وحياتي عندك والأسامي ويوم ليك يوم عليك…حققت نجاحات كبيرة وفرضت نفسها كإحدى نجمات الفن العربي. وفي أوج عطائها وشهرتها اُغتيلت موهبة ذكرى على يد زوجها المصري أيمن السويدي.
حادثة أليمة وغامضة
يوم 28 نوفمبر 2003 أطلق رجل الأعمال المصري أيمن السويدي النار على الفنانة التونسية ذكرى وعلى وكيل أعماله وزوجته وانتحر بمسدسه. حادثة هزت قلوب محبي ذكرى وعشّاق فنّها في تونس والعالم العربي.
غموض ظروف مقتل ذكرى فتح المجال أمام التأويلات خاصة وأن رواية القضاء المصري بحفظ القضية، نظرا لانتحار القاتل زوجها، لم تقنع جمهور الفنانة الراحلة.
تسربت روايات عديدة بخصوص أسباب الحادثة من بينها غيرة زوجها ورفضه بعض تعاملاتها مع فنانين آخرين، حيث تقول خادمة بيت ذكرى ” إن شجاراً نشب بين ذكرى وزوجها بسبب طلبه التفرّغ له أكثر بعد أخذها الغناء منه”.
وتقول روايات أخرى إن أيمن السويدي عانى من أزمة مالية خانقة وفي لحظة يأس وغضب اقترف الجريمة.
ذكرى قتلتها أغنية
بعد اغتيال ذكرى، استحضر جمهورها تلك الأغنية العربية الشهيرة التي غنّتها الفنانة التونسية عام 1991 وانتقدت من خلالها أنظمة الحكم العربية.
والأغنية تعتبر في خانة الممنوع والمحظور في عدة دول عربية حيث يقول مطلع كلماتها، التي كتبها الشاعر الليبي علي الكيلاني، “مين يجرا يقول هذا موش معقول…”
ولم تخل الضجّة التي رافقت اغتيال ذكرى محمد من سياسة، حيث صدرت اتهامات من الصحافة العربية بتورّط مخابرات دول عربية في تدبير الجريمة لكن دون إثباتات.
لا تزال عائلة ذكرى محمد تلاحق حقيقة وفاة الفنانة الكبيرة من خلال رفع الدعاوى القضائية والتعاون مع عائلة زوجها للحصول على أدلة تقرّبهم من فك لغز عملية القتل البشعة، رغم حسم القضاء المصري الموضوع منذ فترة.